الْمُقَلِّدِ أَنْ يُؤْثِرَ تَقْدِيمَ مَذْهَبِ أَبِي بَكْرٍ [الصِّدِّيقِ] مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فِي عَقْدِهِ أَفْضَلُ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ الْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
فَإِنَّ الصَّحَابَةَ وَإِنْ كَانُوا صُدُورَ الدِّينِ، وَأَعْلَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَفَاتِيحَ الْهُدَى وَمَصَابِيحَ الدُّجَى، فَمَا كَانُوا يُقَدِّمُونَ تَمْهِيدَ الْأَبْوَابِ، وَتَقْدِيمَ الْأَسْبَابِ لِلْوَقَائِعِ قَبْلَ وُقُوعِهَا وَقَدْ كَفَانَا الْبَحْثُ عَنْ مَذَاهِبِهِمُ الْبَاحِثُونَ وَالْأَئِمَّةُ الْمُعْتَنُونَ بِنَخْلِ مَذَاهِبِ الْمَاضِينَ، فَمَنْ ظَهَرَ لَهُ وُجُوبُ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُؤْثِرَ مَذْهَبَ أَبِي بَكْرٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ; إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ (217) لَتَعَيَّنَ تَقْدِيمُ مَذْهَبِ أَبِي بَكْرٍ فِي كُلِّ مَسْأَلَةِ نُقِلَ مَذْهَبُهُ فِيهَا، ثُمَّ مَذْهَبُ عُمَرَ، ثُمَّ هَكَذَا عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِهِمْ فِي الْمَنَاقِبِ وَالْمَرَاتِبِ.
598 - فَإِذَا وَضَحَ ذَلِكَ، بَنَيْنَا عَلَيْهِ مُعْضِلَةً مِنْ أَحْكَامِ الْفَتْوَى، وَقُلْنَا: مَنْ نَظَرَ مِنَ الْمُسْتَفْتِينَ نَظَرًا يَلِيقُ بِهِ - كَمَا سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ - فَأَدَّاهُ نَظَرُهُ إِلَى تَقْلِيدِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ الشَّافِعِيِّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - ;