لِخِصَالِ الْمَنْصَبِ الْأَعْلَى لَيْسَ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِنْهَاءُ أَوَامِرِ اللَّهِ، وَإِيصَالُهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (208) إِلَى مَقَارِّهَا، ثُمَّ الْغَايَةُ الْقُصْوَى فِي اسْتِصْلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا رَبْطُ الْإِيَالَاتِ بِمَتْبُوعٍ وَاحِدٍ إِنْ تَأَتَّى ذَلِكَ.
فَإِنْ عَسُرَ، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ، تَعَلَّقَ إِنْهَاءُ أَحْكَامِ اللَّهِ [تَعَالَى] إِلَى الْمُتَعَبِّدِينَ بِهَا بِمَرْمُوقِينَ فِي الْأَقْطَارِ وَالدِّيَارِ.
563 - وَمِنَ الْأَسْرَارِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي الزَّمَانِ كَافٍ ذُو شَهَامَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْعِلْمِ عَلَى مَرْتَبَةِ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَدِ اسْتَظْهَرَ بِالْعُدَدِ وَالْأَنْصَارِ، وَعَاضَدَتْهُ مُوَاتَاةُ الْأَقْدَارِ، فَهُوَ الْوَالِي وَإِلَيْهِ أُمُورُ الْأَمْوَالِ وَالْأَجْنَادِ وَالْوِلَايَاتِ، لَكِنْ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ أَلَّا يَبُتَّ أَمْرًا دُونَ مُرَاجَعَةِ الْعُلَمَاءِ.
564 - فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا جَزَمْتَ الْقَوْلَ بِأَنَّ عَالِمَ الزَّمَانِ هُوَ الْوَالِي [وَ] حَقٌّ عَلَى ذِي النَّجْدَةِ [وَالْبَاسِ] اتِّبَاعُهُ، وَالْإِذْعَانُ لِحُكْمِهِ، وَالْإِقْرَارُ لِمَنْصِبِ عِلْمِهِ.
قُلْنَا: إِنْ كَانَ الْعَالِمُ ذَا كِفَايَةٍ وَهِدَايَةٍ إِلَى عَظَائِمِ الْأُمُورِ، فَحَقٌّ