ذُو الْكِفَايَةِ [وَالدِّرَايَةِ] مُضْطَهَدًا مَهْضُومًا، مَنْكُوبًا بِعُسْرِ الزَّمَانِ مَصْدُومًا، مُحَلَّأً عَنْ وِرْدِ النَّيْلِ مَحْرُومًا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَثْبُتُ دُونَ اعْتِضَادٍ بِعُدَّةٍ وَاسْتِعْدَادٍ بِشَوْكَةٍ وَنَجْدَةٍ، فَكَذَلِكَ الْكِفَايَةُ بِمُجَرَّدِهَا مِنْ غَيْرِ اقْتِدَارٍ وَاسْتِمْكَانٍ لَا أَثَرَ لَهَا فِي إِقَامَةِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ; فَإِذَا شَغَرَ الزَّمَانُ عَنْ كَافٍ مُسْتَقِلٍّ بِقُوَّةٍ وَمُنَّةٍ، فَكَيْفَ تَجْرِي قَضَايَا الْوِلَايَاتِ، وَقَدْ بَلَغَ تَعَذُّرُهَا مُنْتَهَى الْغَايَاتِ. فَنَقُولُ:
553 - أَمَّا مَا يَسُوغُ اسْتِقْلَالُ النَّاسِ [فِيهِ] بِأَنْفُسِهِمْ وَلَكِنَّ الْأَدَبَ يَقْتَضِي فِيهِ مُطَالَعَةَ ذَوِي الْأَمْرِ، وَمُرَاجَعَةَ مَرْمُوقِ الْعَصْرِ، كَعَقْدِ الْجُمَعِ، وَجَرِّ الْعَسَاكِرِ إِلَى الْجِهَادِ، وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرْفِ، فَيَتَوَلَّاهُ النَّاسُ عِنْدَ خُلُوِّ الدَّهْرِ.
وَلَوْ سَعَى عِنْدَ شُغُورِ الزَّمَانِ طَوَائِفُ مِنْ ذَوِي النَّجْدَةِ وَالْبَأْسِ فِي نَفْضِ الطُّرُقِ عَنِ السُّعَاةِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، [فَهُوَ] مِنْ أَهَمِّ أَبْوَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ.