533 - كُلُّ مَا نِيطَ بِالْأَئِمَّةِ مِمَّا مَضَى مُوَضَّحًا مُحَصَّلًا، مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى رَأْيِ صَدْرِ الدِّينِ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ إِنَّمَا تَوَلَّوْا أُمُورَهُمْ، لِيَكُونُوا ذَرَائِعَ إِلَى إِقَامَةِ أَحْكَامِ الشَّرَائِعِ، فَإِذَا فَقَدْنَا مَنْ يَسْتَجْمِعُ الصِّفَاتِ الْمَرْعِيَّةَ فِي الْمَنْصِبِ الْأَعْلَى، وَوَجَدْنَا مَنْ يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْهَضُ بِأَثْقَالِ الْعَالَمِينَ، وَيَحْمِلُ أَعْبَاءَ الدِّينِ، وَلَوْ تَوَانَى فِيهَا لَانْحَلَّتْ مِنَ الْإِسْلَامِ شَكَائِمُهُ، وَلَمَالَتْ دَعَائِمُهُ.
وَالْغَرَضُ اسْتِصْلَاحُ أَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَى أَقْصَى مَا يُفْرَضُ فِيهِ الْإِمْكَانُ.
وَلَوْ بَغَتْ فِئَةٌ عَلَى الْإِمَامِ الْمُسْتَجْمِعِ لِخِلَالِ الْإِمَامَةِ، وَتَوَلَّوْا بِعُدَّةٍ وَعَتَادٍ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى أَقْطَارٍ وَبِلَادٍ، وَاسْتَظْهَرُوا بِشَوْكَةٍ وَاسْتِعْدَادٍ، وَاسْتَقَلُّوا بِنَصْبِ قُضَاةٍ وَوُلَاةٍ عَلَى انْفِرَادٍ وَاسْتِدَادٍ، فَيَنْفُذُ مِنْ قَضَاءِ قَاضِيهِمْ مَا يَنْفُذُ مِنْ قَضَاءِ قُضَاةِ الْإِمَامِ الْقَائِمِ بِأُمُورِ الْإِسْلَامِ.
534 - وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْ قُطْرِ الْبُغَاةِ مِنَ الْإِمَامِ نَظَرُهُ، إِلَى أَنْ يَتَّفِقَ اسْتِيلَاؤُهُ وَظَفَرُهُ، فَلَوْ رَدَدْنَا أَقَضِيَتَهُمْ لَتَعَطَّلَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَبَطَلَتْ قَوَاعِدُ مِنَ الدِّينِ.