وَاشْرَأَبَّ النِّفَاقُ، وَجَحَظَتْ نَحْوَ ارْتِقَابِ تَقَطُّعِ الْأَنْسَابِ الْأَحْدَاقُ، وَتَقَلْقَلَتْ لِمَثَارِ الْفِتَنِ فِي أَغْمَادِهَا الْبِيضُ الرِّقَاقُ، وَتَنَاوَشَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَأَعْضَلَ الْمَدْخَلُ وَالْمَخْرَجُ، وَاعْتَاصَ الْمَسْلَكُ وَالْمَدْرَكُ وَالْمَنْهَجُ، حَتَّى ذُكِرَ لِأَمْرِ الْإِمْرَةِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَبَاحَ بِنَصْبِهِ مَنْ أَرَادَهُ، وَمَا كَانَتْ تَفَقَّأَتْ عَنْهُ بَيْضَةُ مُضَرَ، وَلَا دَرَّتْ عَلَيْهِ مِنْ مَحْضِ قُرَيْشٍ دِرَرٌ، فَنَفَرَتِ النُّفُوسُ الْأَبِيَّةُ، وَلَمْ يَكُنْ نَصْبُهُ قَضِيَّةً مُرْضِيَّةً، فَأَقْنَعَ وَكَفَى فِي انْسِلَالِهِ عَنِ الْمَنْصِبِ الَّذِي تَشَوَّفَ إِلَيْهِ، قَوْلُ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَوْلُهُ: " «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» " وَقَوْلُهُ: " «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» " فَلَمْ يُبْدِ نَاصِرُهُ - لَمَّا ظَهَرَ الْمِنْهَاجُ، وَقُهِرَ الْحِجَاجُ - خِلَافًا، وَأَقَرُّوا إِذْعَانًا لِلْحَقِّ، وَائْتِلَافًا عَلَى مَا سَنَذْكُرُ فِي بَابِ إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقِصَّةِ