444 - وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْإِمَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَصْفُهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَرْعِيَّةً فَالْغَرَضُ الْأَظْهَرُ مِنْهَا: الْكِفَايَةُ، وَالِاسْتِقْلَالُ بِالْأَمْرِ.
فَهَذِهِ الْخَصْلَةُ هِيَ الْأَصْلُ وَلَكِنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَنْجَحُ مَعَ الِانْهِمَاكِ فِي الْفِسْقِ، وَالِانْسِلَالِ عَنْ رِبْقَةِ التَّقْوَى، وَقَدْ تَصِيرُ مَجْلَبَةً لِلْفَسَادِ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا اسْتِعْدَادٌ.
445 - ثُمَّ الْعِلْمُ يَلِي الْكِفَايَةَ وَالتَّقْوَى، فَإِنَّهُ الْعُدَّةُ الْكُبْرَى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَبِهِ يَسْتَقِلُّ الْإِمَامُ بِإِمْضَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ.
446 - فَأَمَّا النَّسَبُ [وَإِنْ] كَانَ مُعْتَبَرًا عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَلَيْسَ لَهُ غِنَاءٌ مَعْقُولٌ، وَلَكِنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُوَ الْمُعْتَمِدُ الْمُسْتَنَدُ فِي اعْتِبَارِهِ.
وَالْآنَ تَتَهَذَّبُ أَغْرَاضُ الْبَابِ [بِمَسَائِلَ] نَفْرِضُهَا مُسْتَعِينِينَ بِاللَّهِ تَعَالَى.
447 - فَإِنْ قِيلَ: مَا قَوْلُكُمْ فِي قُرَشِيٍّ لَيْسَ بِذِي دِرَايَةٍ، وَلَا بِذِي كِفَايَةٍ إِذَا عَاصَرَهُ عَالِمٌ كَافٍ تَقِيٌّ، فَمَنْ أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْهُمَا؟