نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْإِمَامَ زِمَامُ الْأَيَّامِ، وَشَوْفُ الْأَنَامِ، وَالْغَرَضُ مِنْ نَصْبِهِ انْتِظَامُ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِسْلَامِ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُتْرَكَ الْخَلْقُ سُدًى لَا رَابِطَ لَهُمْ، وَيُخَلَّوْا فَوْضَى لَا ضَابِطَ لَهُمْ، فَيَغْتَلِمُ مِنَ الْفِتَنِ بَحْرُهَا الْمَوَّاجُ، وَيَثُورُ لَهَا كُلُّ نَاجِمٍ مُهْتَاجٍ.
وَنَحْنُ فِي ذَلِكَ نَرْقُبُ قُرَشِيًّا، وَالْخَلْقُ يَتَهَاوَوْنَ فِي مُهَاوِي الْمَهَالِكِ، وَيَلْتَطِمُونَ فِي الْخُطَطِ وَالْمَمَالِكِ.
فَإِذًا عَدَمُ النَّسَبِ لَا يَمْنَعُ نَصْبَ كَافٍ، ثُمَّ يَنْفُذُ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا يَنْفُذُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرَشِيِّ.
439 - وَالَّذِي يَعْتَرِضُ فِي ذَلِكَ أَنَا إِذَا نَصَّبْنَا قُرَشِيًّا مُسْتَجْمِعًا لِلْخِلَالِ الْمَرَضِيَّةِ، وَالْخِصَالِ الْمَرْعِيَّةِ، وَلَمْ نَرَ إِذْ نَصَّبْنَاهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، ثُمَّ نَشَأَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يَفْضُلُهُ، فَلَا نَخْلَعُ الْمَفْضُولَ لِظُهُورِ الْفَاضِلِ.
وَلَوْ نَصَّبْنَا مَنْ لَيْسَ قُرَشِيًّا، إِذْ لَمْ نَجِدْ مُنْتَسِبًا إِلَى قُرَيْشٍ، ثُمَّ نَشَأَ فِي الزَّمَانِ قُرَشِيٌّ عَلَى الشَّرَائِطِ الْمَطْلُوبَةِ، فَإِنْ عَسُرَ خَلْعُ مَنْ (164) لَيْسَ نَسِيبًا أَقْرَرْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ خَلْعُهُ، فَالْوَجْهُ عِنْدِي تَسْلِيمُ الْأَمْرِ إِلَى الْقُرَشِيِّ، فَإِنَّ هَذَا الْمَنْصِبَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَحَقِّ