مُعْظَمِ الْمَسَائِلِ (158) جَدِيرٌ، فَهَذَا غَايَةُ مَا يَدُورُ فِي الضَّمِيرِ.
424 - وَأَقُولُ بَعْدَ تَقْدِيمِ ذَلِكَ:
مَنِ انْتَحَلَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ طَبَقَاتِ الْمُقَلِّدِينَ وَاتَّفَقَ فِي عَصْرِهِ إِمَامٌ لَا يُبَارَى، وَمُجْتَهِدٌ لَا يُضَاهَى وَلَا يُوَازَى وَكَانَ يُعْزَى هَذَا الْمُجْتَهِدُ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُتَّبِعًا مَذْهَبَ إِمَامٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الشَّرِيعَةِ، مُوَافِقًا رَأْيَهُ وَمَسْلَكَهُ، فَإِنَّ الظُّنُونَ تَخْتَلِفُ طُرُقُهَا، وَتَتَفَاوَتُ سُبُلُهَا، وَتَتَرَدَّدُ أَنْحَاؤُهَا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ وَالطِّبَاعِ.
وَلَيْسَ بِالْإِجْمَاعِ فِي مُعْظَمِ الْمَسَائِلِ امْتِنَاعٌ ; فَإِنَّ أُصُولَ الْمَذَاهِبِ تُؤْخَذُ مِنْ [مَأْخَذِ] الْقَطْعِ، وَهِيَ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْهَا تَفَارِيعُ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ يَفْرِضُ الْوِفَاقُ فِي مُعْظَمِ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.
425 - فَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْأَيَّامُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْإِمَامِ تَعَيَّنَ عَلَى كَافَّةِ الْمُقَلِّدِينَ اتِّبَاعُهُ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمَاضِينَ الْمُنْقَرِضِينَ فِي حُكْمِ النَّاخِلِ لِلْمَذَاهِبِ، وَالسَّابِرِ لِتَبَايُنِ الْمُطَالِبِ، وَسَبْرُهُ لَهَا أَثْبَتُ مِنْ نَظَرِ الْمُقَلِّدِ.