فَكَانَتْ مُتَوَافِيَةٌ فِي عَلِيٍّ دُونَ مَنْ عَدَاهُ وَسِوَاهُ، فَضَلَّتِ الْأُمَّةُ، إِذْ وَضَعَتِ الْإِمَامَةَ فِيمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَلَمْ يَتَّسِمْ بِتِلْكَ السِّمَاتِ.
33 - ثُمَّ تَشَوَّفَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُنْتَمِينَ إِلَى السُّنَّةِ إِلَى ادِّعَاءِ النَّصِّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
34 - وَصَارَ صَائِرُونَ يُعْرَفُونَ بِالْعَبَّاسِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَصَّ عَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ، وَخَصَّصَهُ بِالْإِمَامَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ، نَصًّا يُزِيلُ الرَّيْبَ، وَيُزِيحُ الِالْتِبَاسَ.
35 - وَإِذَا اسْتَنَدَتِ الْمَذَاهِبُ إِلَى الدَّعَاوِي، ابْتَدَرَ إِلَى مَا يَهْوَاهُ كُلُّ غَاوِي، فَتَهَافَتَ الْوَرَى، فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى عَلَى الْمَهَاوِي، وَإِذَا طُولِبَ كُلُّ مُدَّعٍ بِمِنْهَاجِ الصِّدْقِ وَالْحِجَاجِ بِالْمَسْلَكِ الْحَقِّ، لَاحَتِ الْحَقَائِقُ، وَانْزَاحَتِ الْغَوَائِلُ، وَحَصْحَصَ الْحَقُّ، وَزَهَقَ الْبَاطِلُ.
36 - فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّرْتِيبُ إِيضَاحُ الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ النَّصِّ، ثُمَّ اتِّبَاعُ مَا عَدَاهُ مِنَ الْآرَاءِ بِالتَّنْقِيرِ وَالْفَحْصِ ; فَنَقُولُ:
النَّصُّ الَّذِي ادَّعَيْتُمُوهُ، وَنَظَّمْتُمْ بِهِ عُقُودَكُمْ، وَرَبَطْتُمْ بِهِ مَقْصُودَكُمْ، بَلَغَكُمُ اسْتِفَاضَةً وَتَوَاتُرًا، مِنْ جَمْعٍ لَا يَجُوزُ