الْمُنْتَهِي إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ يُنْعِمَ نَظَرَهُ، وَيُجَرِّدَ لِدَرْكِ [التَّحْقِيقِ] فِكْرَهَ، فَنَقُولُ:

مَا كَانَتِ الْأَمْوَالُ تَبْلُغُ فِي زَمَنِهِمْ مَبْلَغًا يَحْتَمِلُ الِادِّخَارَ ; فَإِنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بُلِيَ فِي مُعْظَمِ زَمَانِهِ بِقِتَالِ الرِّدَّةِ، وَمَا اتَّفَقَتْ مَغَانِمُ بِهَا اكْتِرَاثٌ وَاحْتِفَالٌ، ثُمَّ لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرَ وَاتَّسَعَتْ خُطَّةُ الْإِسْلَامِ، وَانْتَشَرَتْ رَايَاتُ الدِّينِ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ، وَكَثُرَتِ الْغَزَوَاتُ، وَانْبَثَّتِ الدَّعَوَاتُ، وَكَسَرَ جُنْدُ الْإِسْلَامِ صَوْلَ كِسْرَى، وَقَصَّرَ طُولَ قَيْصَرَ، وَاسْتَمَدَّتِ الدَّوْلَةُ وَعَظُمَتِ الصَّوْلَةُ، وَوَفَرَتِ الْمَغَانِمُ، وَتَجَرَّدَتْ لِلْجِهَادِ وَالْعَزَائِمِ.

وَأَلْقَتِ الْمَمَالِكُ إِلَى حُمَاةِ الْإِسْلَامِ مَقَالِيدَهَا، وَلَيَّنَتْ كُلُّ جَنَبَةٍ أَبِيَّةٍ لِلْأَحْكَامِ جِيدَهَا، وَفُتِحَتِ [الْكُوَرُ] وَالْأَمْصَارُ، وَكَثُرَ الْأَعْوَانُ [وَالْأَنْصَارُ] فَقَدْ يَعْتَقِدُ الْمُعْتَقِدُ إِمْكَانَ الِادِّخَارِ. وَلَكِنَّا نَقُولُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015