لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا بِمَعْنَى التَّوْحِيدِ بِقَرِينَةِ عَطْفِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ،

22 - فَلَا تُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَمَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَالْأَوَانِي لِلصِّحَّةِ. 23 -

وَأَمَّا اشْتِرَاطُهَا فِي التَّيَمُّمِ فَلِدَلَالَةِ آيَتِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ الْقَصْدُ،

24 - وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيِّتِ، فَقَالُوا لَا تُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبَادَةَ إلَى آخِرِهِ.

أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَالثَّانِي أَوْجُهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَلَى شَرْطِيَّةِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ الْعِبَادَاتِ.

وَقَوْلُهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَوْجُهِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا بِمَعْنَى التَّوْحِيدِ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ عَلَى تَسْلِيمِ بَقَاءِ الْعِبَادَةِ عَلَى مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُخْلِصِينَ بِمَعْنَى النَّاوِينَ، وَنَوَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ لَا بِحَرْفِ الْجَرِّ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَلَيْسَ مُتَعَدِّيَةً. وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ (أُمِرُوا) الْأَمْرُ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ فِي كُتُبِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَيْضَاوِيُّ.

عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ فِي شَرْعِنَا مَا يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْ

(22) قَوْلُهُ: فَلَا تُشْتَرَطُ إلَخْ أَيْ النِّيَّةَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَدُلُّ.

(23) قَوْلُهُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُهَا إلَخْ.

جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ الشَّافِعِيِّ الْوُضُوءَ عَلَى التَّيَمُّمِ بِإِبْدَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ.

وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ فَفِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَشَرَطْنَاهَا فِيهِ. وَلَا كَذَلِكَ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ غَسْلٌ وَمَسْحٌ وَذَا يَتَحَقَّقُ بِلَا نِيَّةٍ، فَاشْتِرَاطُهَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَهِيَ نَسْخٌ؛ وَإِنَّمَا قَالَ يُنْبِئُ دُونَ يَدُلُّ وَلَا دَلَالَتَهُ عَلَى الْقَصْدِ اللُّغَوِيِّ وَالِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْقَصْدِ الْخَاصِّ وَهُوَ قَصْدُ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَبَرُ هُنَا بِقَرِينَةِ أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْإِنْبَاءِ

(24) قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَسْلُ الْمَيِّتِ إلَخْ.

قَالَ فِي الْأَكْمَلِ قِيلَ النِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ أُخْرِجَ الْغَرِيقُ وَجَبَ غَسْلُهُ.

إلَّا إذَا حُرِّكَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْغُسْلِ تَوَجَّهَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّحْرِيكِ.

وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَاءَ مُزِيلٌ بِطَبْعِهِ.

فَكَمَا لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا لَا تَجِبُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا قَالَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ: مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015