وَسَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةً 57 - فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ 58 - فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، 59 - ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَوْقِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ التَّنْوِيهُ بِشَرَفِ الْقَوَاعِدِ حَيْثُ سَافَرَ مِثْلُ هَذَا الْإِمَامِ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَيْسَ أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ الشَّافِعِيُّ هُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ مَعَ أَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاقِلٌ لِلْحِكَايَةِ عَنْهُ مَعَ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِهَرَاةَ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(56) وَسَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةً: شَبَّهَ قِرَاءَتَهَا مُنْتَظِمَةً مُتَّسِقَةً بِسَرْدِ الدَّرْعِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ وَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ سَبْعًا لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مُؤَنَّثٌ عَلَى مَا هُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ (لَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُمَيَّزُ مَذْكُورًا بَعْدَ الْعَدَدِ وَأَمَّا إذَا حُذِفَ أَوْ قُدِّرَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إلْحَاقُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا) لِأَنَّا نَقُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّاءِ وَعَدَمِهَا إذَا كَانَ الْمُمَيَّزُ الْأَيَّامُ وَحْدَهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرُ الْأَيَّامِ فَالْوَجْهُ مُطَابَقَةُ الْقَاعِدَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ إثْبَاتِ التَّاءِ فِي الْمُذَكَّرِ وَحَذْفِهَا فِي الْمُؤَنَّثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَيَّامُ مَعَ اللَّيَالِي فَالْمَسْمُوعُ حَذْفُ التَّاءِ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ.
كَذَا قَرَّرَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ فِي رِسَالَةِ إبْرَازِ الْحُكْمِ قَالَ وَفِي كَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَابْنِ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ.
(57) فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ: السَّعْلَةُ وَالسُّعَالُ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا حَرَكَةٌ تَدْفَعُ بِهَا الطَّبِيعَةُ الْأَذَى عَنْ الرِّئَةِ وَالْأَعْضَاءِ الَّتِي تَتَّصِلُ بِهَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ عَدَّهُ فِي الْأَمْرَاضِ لِأَنَّ الْأُمُورَ الطَّبِيعِيَّةَ الْعَارِضَةَ لِلْإِنْسَانِ لَا تُعَدُّ مَرَضًا وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَدَّهُ مَرَضًا بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ عُرُوضِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ عُرُوضِهِ.
(58) فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ: فِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَصْدُرُ هَذَا مِنْ مِثْلِ هَذَا الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ.
(59) ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ: عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ أَخْرَجَهُ.
أَقُولُ فِيهِ إنَّ فِي عَدَمِ تَكْرِيرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ خَشْيَةَ مَنْ يَسْمَعُهَا وَيَسْتَفِيدُهَا كَتْمًا لِلْعِلْمِ وَهُوَ مَذْمُومٌ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ النَّارِ» .