وَهِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، 50 - وَبِهَا يَرْتَقِي الْفَقِيهُ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، 51 - وَأَكْثَرُ فُرُوعِهَا ظَفِرْت بِهِ فِي كُتُبٍ غَرِيبَةٍ أَوْ عَثَرْت بِهِ فِي غَيْرِ مَظِنَّةٍ 52 - إلَّا أَنِّي بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا أَنْقُلُ إلَّا الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَطَاحَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَعْرِفَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ الْعِلْمِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ (انْتَهَى) .
فَلْيُحْفَظْ.
(49) وَهِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْحَقِيقَةِ: أَيْ كَأُصُولِ الْفِقْهِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ أُصُولٌ لِفِقْهٍ؛ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ فَتَأَمَّلْ.
(50) وَبِهَا يَرْتَقِي الْفَقِيهُ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ.
وَقَوْلُهُ بِهَا مُتَعَلِّقُ يَرْتَقِي.
قُدِّمَ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ بِمُزَاوَلَةِ التَّخْرِيجِ عَلَى تِلْكَ الْقَوَاعِدِ يَبْلُغُ الْفَقِيهُ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ الْمُقَلِّدُ فِي الْفِقْهِ وَالدَّرَجَةُ الْمَرْقَاةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْمَرْتَبَةُ وَالِاجْتِهَادُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَلَكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ الْحَاصِلُ مِنْ مُزَاوَلَةِ الْقَوَاعِدِ كَائِنًا فِي الْفَتْوَى وَمُجْتَهِدُ الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا الْإِمَامُ وَلَا أَصْحَابُهُ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ وَأُصُولِهِمْ كَنُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَالْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ وَغَيْرِهِمْ.
(51) وَأَكْثَرُ فُرُوعِهَا ظَفِرْتُ بِهِ فِي كُتُبٍ غَرِيبَةٍ: الظَّفَرُ هُوَ الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ وَالْمُرَادُ الْغَرِيبَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ النَّاسِ، لِعَدَمِ عِنَايَتِهِ بِتَحْصِيلِ تِلْكَ الْكُتُبِ، لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّقْلُ مِنْ الْكُتُبِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَهِرْ - أَوْ عَثَرْت بِهِ فِي غَيْرِ مَظِنَّةٍ - عَثَرَ كَنَصَرَ مِنْ الْعُثُورِ وَهُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ وَيَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِالْبَاءِ إلَّا أَنَّهُ هُنَا ضُمِّنَ مَعْنَى الظَّفَرِ وَحِينَئِذٍ يُشَكَّلُ عَطْفُهُ عَلَى الظَّفَرِ بِأَوْ، وَالْمَظِنَّةُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعُ الشَّيْءِ وَمَعْدِنُهُ، مَفْعِلَةٌ مِنْ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَكَانَ الْقِيَاسُ فَتْحَ الظَّاءِ وَإِنَّمَا كُسِرَ لِأَجْلِ الْهَاءِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ هِشَامٍ اللَّخْمِيُّ فِي شَرْحِ شَوَاهِدِ كِتَابِ الْجُمَلِ.
وَفِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ.
(52) إلَّا أَنِّي بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا أَنْقُلُ إلَّا الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ