َ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ الرُّشْدُ وَحُسْنُ السِّيرَةِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ لَهُ: يَا يَعْقُوبُ وَقِّرْ السُّلْطَانَ وَعَظِّمْ مَنْزِلَتَهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَدْعُك لِحَاجَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّك إذَا أَكْثَرْت إلَيْهِ الِاخْتِلَافَ تَهَاوَنَ بِك وَصَغُرَتْ مَنْزِلَتُك عِنْدَهُ، فَكُنْ مِنْهُ كَمَا أَنْتَ مِنْ النَّارِ تَنْتَفِعُ وَتَتَبَاعَدُ وَلَا تَدْنُ مِنْهَا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ لَا يَرَى لِأَحَدٍ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ، وَإِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْكَلَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَلَيْك مَا قُلْته لِيُرِيَ مِنْ نَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْك وَأَنَّهُ يُخَطِّئُكَ فَتَصْغُرَ فِي أَعْيُنِ قَوْمِهِ، وَلْتَكُنْ إذَا دَخَلْت عَلَيْهِ تَعْرِفُ قَدْرَك وَقَدْرَ غَيْرِك، وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَإِنَّك إنْ كُنْت أَدْوَنَ حَالًا مِنْهُ لَعَلَّك تَتَرَفَّعُ عَلَيْهِ فَيَضُرُّك، وَإِنْ كُنْت أَعْلَمَ مِنْهُ لَعَلَّك تَحُطُّ عَنْهُ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ مِنْ عَيْنِ السُّلْطَانِ. وَإِذَا عَرَضَ عَلَيْك شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ يَرْضَاك وَيَرْضَى مَذْهَبَك فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَايَا، كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى ارْتِكَابِ مَذْهَبِ غَيْرِك فِي الْحُكُومَاتِ وَلَا تُوَاصِلْ أَوْلِيَاءَ السُّلْطَانِ وَحَاشِيَتَهُ بَلْ تَقَرَّبْ إلَيْهِ فَقَطْ وَتَبَاعَدْ عَنْ حَاشِيَتِهِ لِيَكُونَ مَجْدُك وَجَاهُك بَاقِيًا وَلَا تَتَكَلَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ إلَّا بِمَا تُسْأَلُ عَنْهُ، وَإِيَّاكَ وَالْكَلَامَ فِي الْعَامَّةِ وَالتِّجَارَةِ إلَّا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ؛ كَيْ لَا يُوقَفَ عَلَى حُبِّك رَغْبَتُك فِي الْمَالِ؛ فَإِنَّهُمْ يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِك وَيَعْتَقِدُونَ مَيْلَك إلَى أَخْذِ الرِّشْوَةِ مِنْهُمْ.
وَلَا تَضْحَكْ وَلَا تَتَبَسَّمْ بَيْنَ يَدَيْ الْعَامَّةِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .