فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْآمِدِيُّ 1 - أَنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ:
الِاجْتِهَادُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحُرُوبِ وَتَدْبِيرِ الْجُيُوشِ، وَأَنْ تَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَا تَهُولُهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَضَرْبُ الرِّقَابِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ، وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَرِعًا، بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا، نَافِذَ الْحُكْمِ، مُطَاعًا، قَادِرًا عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَكَوْنُهُ: قُرَشِيًّا وَهَاشِمِيًّا وَمَعْصُومًا وَأَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ، ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ.
فَائِدَةٌ: كُلُّ إنْسَانٍ غَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُعْلَمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَبِهِ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ غَيْبٌ عَنَّا، إلَّا الْفُقَهَاءَ فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا إرَادَتَهُ تَعَالَى بِهِمْ بِخَبَرِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ؛ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ) كَذَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلْعِرَاقِيِّ.
قَوْلُهُ: إنَّ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ إلَخْ أَقُولُ: فِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ نَظَرٌ. فَقَدْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ تُحْفَةُ التُّرْكِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ فِي الْمَلِكِ قَالَ الْإِمَامُ وَأَصْحَابُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ السُّلْطَانِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا وَلَا مُجْتَهِدًا وَلَا عَدْلًا، بَلْ يَجِبُ التَّقْلِيدُ مِنْ السُّلْطَانِ الْعَادِلِ وَالْجَائِرِ، وَأَصْلُهُ قِصَّةُ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقَلَّدُوا مِنْ مُعَاوِيَةَ الْأَعْمَالَ بَعْدَمَا أَظْهَرَ الْخِلَافَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَوْبَتِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي التُّرْكِ وَلَا فِي الْعَجَمِ فَلَا تَصِحُّ سَلْطَنَةُ التُّرْكِ عِنْدَهُمْ وَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُمْ لِلْقَضَاءِ مِنْ التُّرْكِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ. وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى وَفِيهِ مِنْ الْأَذَى لِلسُّلْطَانِ وَصَرْفِ الرَّعِيَّةِ عَنْهُ وَمُبَايَعَةِ الْجُنْدِ لَهُ مَا لَا يَخْفَى. وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَذْهَبَنَا أَوْفَقُ لِلتُّرْكِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (انْتَهَى) . وَفِي سِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِسَعِيدِ بْنِ عُمَرَ الْأَقْصُرَانِيِّ