وذلك وهمٌ غير محفوظ، فالمعروف من روايات أهل المغازي الآخرين، كعروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، وابن سعد، والواقدي، وغيرهم، أنّ قائد السرية ابتداءً كان عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأنّ أبا عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه أُرْسِلَ مدداً له فيم بعد على رأس المهاجرين، وفيهم أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأنّ أبا عبيدة سلّم القيادة بعد ذلك لعمرو خشية الفرقة بين المسلمين، تنفيذاً لأمر القائد الأعلى للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وربّما دخل الوهم على أحد رواة الحديثين السابقين1، لأنّه لم يتصوّر أن يتأمّر عمرو بن العاص وهو أقلّ سابقة على المهاجرين الأوّلين، أمثال أبي بكر الصّدّيق، وعمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجرّاح، - رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فاختلط عليه الأمر فجعلهما جيشين بقائدين أُرْسِلا معاً في وقتٍ واحدٍ.

وما عُرِفَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدِّقّة في التنظيم والحرص الشديد دائماً على عملية الضبط العسكري والانضباط بين جنوده في جيوشه وبعوثه وسراياه، وعدم تركه المجال للاختلافات المؤدية للفوضى والفشل واحتمالات الخطأ والصواب، كلّ ذلك يجعلنا نستبعد فرضية حدوث مثل ذلك الأمر. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015