أصحابه: من أنتما؟ قالا: نحن سقاة لقريش، فكره ذلك أصحابه، وودوا لو كانا لعير أبي سفيان، فلما سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: أخبراني، أين قريش؟ قالا:

وراء هذا الكثيب. فقال: كم القوم؟ فقالا: لا علم لنا، فقال: كم ينحرون كل يوم؟ فقالا: يوما عشرا، ويوما تسعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين تسعمائة إلى الألف. فأنزل الله عز وجل من تلك الليلة مطرا واحدا، فكان على المشركين وابلا شديدا منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلّا طهرهم به، وأذهب عنهم رجس الشيطان، ووطّأ به الأرض، وصلّب به الرمل، وثبت الأقدام، ومهد به المنزل، وربط على قلوبهم، فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى الماء، فنزلوا عليه شطر الليل، وصنعوا الحياض، ثم غوّروا ما عداها من المياه، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الحياض.

وبنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا يكون فيها تل يشرف على المعركة، ومشى في موضع المعركة، وجعل يشير بيده، هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان فما تعدى أحد منهم موضع إشارته (?) .

فلما طلع المشركون، وتراءى الجمعان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - «اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها جاءت تحادك، وتكذب رسولك» ثم قام ورفع يديه، واستنصر ربه وقال: - «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك» فالتزمه الصديق من ورائه، وقال: يا رسول الله، أبشر، فو الذي نفسي بيده، لينجزن الله لك ما وعدك» (?) .

وقد أخرج البخاري (?) في صحيحه من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015