فِي النِّهَايَة، فخلاصة مَا قَالَ ابْن الاثير من الدواعى الَّتِى أدَّت وضع هَذَا الْفَنّ كَمَا يلى:
(1) كَانَ الله تَعَالَى قد أعلم نبيه مَا لم يكن يُعلمهُ غَيره، وَكَانَ أَصْحَابه يعْرفُونَ أَكثر مَا يَقُوله، وَمَا جهلوه سَأَلُوهُ عَنهُ - صلى الله عَلَيْهِ - فيوضحه لَهُم، وَلم يَتَيَسَّر ذَلِك بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
(2) كَانَ اللِّسَان الْعَرَبِيّ فِي عصر الصَّحَابَة صَحِيحا لَا يتداخله الْخلّ إِلَى أَن فتحت الامصار وخالط الْعَرَب غير جنسهم فامتزجت الالسن فتعلم الاولاد من اللِّسَان الْعَرَبِيّ مَا لَا بُد لَهُم وَتركُوا مَا عداهُ -
(3) اسْتَحَالَ اللِّسَان الْعَرَبِيّ أع جميا فِي عصر التَّابِعين فصرف الْعلمَاء طرفا من عنايتهم فألفوا فِيهِ حراسة لهَذَا الْعلم.
عِنْد مَا نقارن هَذَا القَوْل بِمَا قَالَ الْخطابِيّ يظْهر جليا أَن السَّبَب فِي ثكرة الْغَرِيب فِي الحَدِيث يرجع إِلَى اخْتِلَاف الروَاة عِنْد الخطابى.
ولسبب عِنْد ابْن الاثير يرجع إِلَى أَن الله تَعَالَى أعلم نبيه مَا لم يكن يُعلمهُ غَيره، وَأما مَا قَالَ ابْن الاثير تَحت الرقم الثَّانِي، والرقم الثَّالِث فَهُوَ لَا يُنَاسب وَلَا يلائم سَبَب تأليف هَذَا الْفَنّ، لَان الْعلمَاء بذلوا جهودهم فِي جمع غَرِيب الحَدِيث، نوادره لادراك معنى الحَدِيث والتفقه فِي الدَّين لَا لمعْرِفَة كَلَام تبع التَّابِعين الَّذين أصبح اللِّسَان الْعَرَبِيّ أعجميا
فِي عصرهم كَمَا زعم ابْن الاثير، وَمهما كَانَ من وُجُوه التَّأْلِيف، وأسبابه فان الْفَنّ أصبح من اللوازم الَّتِى لابد مِنْهَا فِي فهم الحَدِيث وَإِدْرَاك مَعَانِيه، وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن السّلف إِذا وجدوا كلمة غَرِيبَة أَو معنى