* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ الزهري: "أنه ذكر شأن الفيل, وأن قريشًا أَجْلَت عن الحرم, ولزمه عبد المطلب وقال: والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره، وقال:
لاهُمَّ إن المرء يَمْـ ... نَعُ رحله فامنع حِلَالكْ
لا يَغْلِبنَّ صَلِيبُهُمْ ... ومحالهم عَدْوًا مِحَالَكْ
وأنه رأى في المنام, فقيل له: احفِر تُكْتَم بين الفَرْثِ والدَّمِ. قال: فحفرها في القرار ثم بَحَرَهَا حتى لا تُنْزَف"1.
أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ معمر، عن الزهري.
قوله: فامنع حِلَالك: أي جيران بيتك، وسكان حَرَمِك.
يقال: قوم حِلَّة وحِلَال إذا كانوا متجاورين مقيمين، قال الشاعر:
أحيٌّ يبعثون العير تَجْرًا ... أحبُّ إليك, أم حَيٌّ حِلَالُ 2
والمِحَال: الكيد، ومنه قول الله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} 3, وتُكْتَم: اسم من أسماء زمزم، ويشبه أن تكون إنما لقبت به؛ لأنها كانت مكتومة قد اندفنت بعد أيام جرهم حتى أظهرها عبد المطلب.
وقوله: بَحَرَهَا: أي شقها ووسعها؛ وإنما سمي البحر لاستبحاره واتساعه.
ومنه قولهم: تَبَحَّرَ الرجل في العلم, إذا توسع فيه.