وَقَدْ يَعِيبُهُ بِهَذَا وَبِمَا يُشَبِّهُهُ مِنْ كَلامِهِ قَوْمٌ لا رَوِيَّةَ لَهُمْ وَهُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ سَلِيمٌ من العيب إذا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ الله مَعْصُومًا وَكَيْفَ وَهُوَ يَقُولُ: مَا مِنْكُمْ مَنْ أَحَدٍ إِلا زَلَّهُ شَيْطَانٌ قَالُوا وَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "وَلِيَ إِلا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيِهِ فَأَسْلَمَ" 1.

وَكَانَ أبو بَكْر رضي الله عَنْهُ يُوصَفُ بِبَعْضِ الْحِدَّةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ بَرِيًّا تَقِيًّا مِنْ رَجُلٍ كَانَ يُصَادَى مِنْهُ غَرْبٌ 2 أَيْ حِدَّةٌ.

وَقَوْلُهُ يُصَادَى قَالَ الأَصْمَعِيُّ: مَعْنَاهُ يُمَارَسُ وأنشدني أبو عُمَر قَالَ أَنشدَنا أَبُو الْعَبَّاس عَنْ أَبِي نَصْر عَنِ الأَصْمَعيّ لجابر بن مُؤْتَلِقٍ يُعَاتِبُ أخاه:

أَبيتُ أَكُفُّ نَفْسِي عَنْكَ كَفَّا ... وتُغْشِينِي أَذَاكَ عَلى وِسَادِي

فَلَنْ تَلْقَى أَخًا إِنْ مِتُّ مِثْلِي ... يُصَادِي الحَرْبَ عَنْكَ كَمَا أُصَادِي

قَال وَقَال الأَصْمَعِيُّ: يقول: الرَّجُلُ لَنِاقَتِهِ إذا مُخِضَتْ بِتُّ أُصَادِيها وذَاكَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أن يَعْقِلها فَيُعْنِتُها أو يَدَعَها فَتَفَرُقَ فيأكلَها الذِّئب فَيَبِيتُ يُصَادِيها والرَّجُلُ يُصَادِي وَلَدَهُ وأَخَاهُ أَنْ يَقَعَ في حَرْبٍ أَوْ خُصُومَةٍ أو أَمْرٍ يكرهُه فيُمَارِسُهُ ويُدَاريِهِ فيَتَرَضَّاهُ قَالَ أَبُو عُمَر وأَنْشَدَني أبو العبّاس عن ابن الأعرابي لمُزَرِّدٍ:

ظَلِلْنَا نُصَادِي أُمِّنَا عَنْ حَميتها ... كَأَهْلِ الشَّمُوسِ كُلُّهُم يَتَوَدَّدُ 3

قَالَ: يريد نُدَارِيها ونَتَرَضَّاها ونُنَاشِدُها ونديرها عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015