حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ نا أَبُو أُسَامَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ أبو سليمان: معنى الإحصاء في اللغة عَلَى ثلاثة أوجُه أحدها الإحْصاء الَّذِي هُوَ بمعنى العَدِّ كقولهِ تَعَالَى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} 1. والثاني بمعنى الإطاقة كقوله سبحانه: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} 2: أي لن تطيقوه. والثالث بمعنى العقل والمَعرفَة. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أحْصَيْتُ كلَّ القرآن إلا حرْفَيْن. يريد أدْركْتُ عِلْمَه وعقَلْتُ معناه. ويقال: فلان ذو حَصَاةٍ إذَا كَانَ ذا عَقْلٍ وتَحْصيل. قال الشاعر:
وأَنَّ لِسَانَ المرءِ ما لم تكن لَهُ ... حَصَاةٌ عَلَى عَوْراته لَدلِيلُ 3
قَالَ أبو سليمان: فَمنْ حمل الخَبَر عَلَى معنى الإحصاء الَّذِي هُوَ العَدُّ قَالَ إنّ معناه أَنَّ من يَعدّ هذه الأسماء ذاكِرًا الله عَزَّ وجَلَّ ومُثنِيًا عَلَيْهِ بها واستدلّ في ذَلِكَ بان التسعة والتسعين لما كانت عَدَدًا من الأَعداد ثُمَّ عطفَ بالإِحصاء عليها عُلِم أن المراد بِهِ إحصاء العَدَد دُون غيره.
ومن حمله عَلَى الإطاقة قَالَ معناهُ أن يطيق القيام بحقَّها في معاملة الله تَعَالَى بها. ومُطالَبة النّفس بمواجبِها فيُخْطِرَ بقلبه معنى العَفْو والمَغْفِرة إذَا سَمّاهُ عَفُوًّا وغَفُورًا فيرجو مغفرة الله وعَفوَه ويحذَرُ نِقْمتَه إذَا قَالَ المنتقم وَيَثِقُ بما وَعَد من الرّزق وتطمئن بِهِ نَفْسُه إلى ما ضَمِنَه منه إذَا قال الرزاق, وإذا