والوجه الآخر أنّه يروى في الحديث أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلَّم- إنَّما قال هذا الكلام، وهو يومئذٍ "بتبوك" ناحية الشَّام، و"مكَّة" [100] والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن، وهو يريد "مكَّة" و"المدينة"، فقال: "الإيمان يمان": أي هو من هذه الناحية، فهما وإن لّم يكونا من "اليمن"، فقد يجوز أن تُنسبا إليها إذا كانتا من ناحيتها، وهذا كثير في كلامهم فاش ألا تراهم، قالوا: الرُّكن اليماني؟ فنُسب إلى اليمن، وهو "بمكَّة"؛ لأنّه مما يليها.
قال: وأنشدني "الأصمعي" للنابغة يذمُّ "يزيد بن الصعق" وهو رجل من "قيس" فقال:
وكنت أمينة لو لم تحنه ... ولكن لا أمانة لليماني
وذلك أنَّه كان مما يلي "اليمن".
وقال "ابن مُقبل": وهو رجل من "بني العجلان" من "بني عامر بن صعصة":
طاف الخيال بنا ركبًا يمانينا ... ودون ليلى عواد لو تعدّينا
فنسب نفسه إلى "اليمن" لأنّ الخيال طرقه، وهو يسير نلاحيتها؛ ولهذا قالوا: سُهيل اليماني، لأنه يرى من ناحية "اليمن".