ومنهم من استحسن عتاب الأصحاب ... فربما كان حضا على اكتساب المحابّ
قالوا معاتبة الأخ الصديق خير من فقده فلعلها تكون سبباً إلى صلاحه ورشده وقالوا ترك المعاتبة من علامات الاهمال والتواطئ على منهيات الأعمال وقالوا شر الأصحاب من لم ينجع فيه العتاب وقال علي رضي الله عنه عاتب أخاك بالاحسان إليه واردد شره بالافضال عليه وقال علي بن عبيدة الزنجاني العتاب حدائق الأحباب وثمار الود ودليل الظفر وحركات الشوق وراحة الواجد ولسان المشفق وقالوا العتاب يداوي القلوب ويترجم عن خفيات العيوب وما أحسن قول من قال
تواقف عاشقان على ارتعاب ... أرادا الوصل من بعد اجتناب
فلا هذا يملّ عتاب هذا ... ولا هذا يملّ من الجواب
فلا عيش كوصل بعد هجر ... ولا شيء ألذ من العتاب
آخر
أعاتب من أهواه في كل حالة ... ليجتنب الأمر الذي معه الذنب
فإني أرى التأنيب عند حدوثه ... بمنزلة الغيث الذي قبله الجدب
ومن مستحسنات المعاتبات قول القائل
لا غرو إن كان من دوني يسركم ... وأُنثنى عنكمو بالويل والحرب
يدنو الاراك فيمسي وهو ملتثم ... ثغر الفتاة ويلقى العود في اللهب
ولبعضهم
سأنسيك نفسي إن نسيت مودّتي ... كأنك لم تخطر ببالي ولا وهمي
وأكفيك إذ لم تبغ حمد مذمتي ... فتبرأ من حمدي وتبرأ من ذمي
وأنساك نسيان القرون التي مضت ... عليها الليالي من جديس ومن طسم
فإن قيل لي أين الذي كان بينكم ... رددت عليه أنه كان في الحلم