وإذا عرف ما ذكرنا ههنا من الأحاديث، وكلام الأئمة، فالواجب على ولاة أمور المسلمين تنفيذ وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخراج المشركين من جزيرة العرب، فلا يتركون فيها وثنيًا، ولا يهوديًا، ولا نصرانيا، ولا مجوسيًا، ولا غيرهم من أعداء الله تعالى، وليحذر ولاة أمور المسلمين من مخالفة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتهاون به، فقد قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، ولا يجوز لهم أن يمكنوا المسافرين من أعداء الله تعالى للتجارة أو غيرها من الإقامة في موضع واحد من جزيرة العرب أكثر من ثلاثة أيام، اللهم إلا أن يكون بالمسلمين حاجة ضرورية إلى أحد منهم لمباشرة عمل يعجز عنه المسلمون فيُمكّن المباشرون له من الإقامة بقدر الحاجة ثم يخرجون.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: ذهب طائفة من العلماء كمحمد بن جرير الطبري إلى أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين بالجزية، إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيبر، قال الشيخ: وفي هذه المسألة نزاع. انتهى.
والله المسؤول أن يوفق ولاة أمور المسلمين، ورعاياهم للعمل بكتابه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يوفق الولاة للسير على منهاج الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، إن ربي لسميع الدعاء قريب مجيب.