نارك، وإذا أوقدوا رأيت فيه نارهم، ولكن تباعد عنهم.
قلت: وفي هذين الحديثين وعيد شديد لمن جامع المشركين وساكنهم اختيارًا، فليحذر المسلمون المقيمون بين الوثنيين، والمرتدين، والنصارى، والمجوس وغيرهم من أعداء الله تعالى أن يلحقهم هذا الوعيد الشديد، وكذلك ليحذروا أن يلحقهم الوعيد الشديد المذكور في سورة النساء.
الحديث الثالث: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تستضيئوا بنار المشركين» رواه الإمام أحمد، والبخاري في تاريخه، والنسائي، وأبو يعلى.
قال بعض العلماء: معناه: لا تقاربوهم في المنازل بحيث تكونون معهم في بلادهم، بل تباعدوا منهم وهاجروا من بلادهم.
وقال أبو السعادات ابن الأثير: معناه لا تستشيروهم ولا تأخذوا بآرائهم، جعل الضوء مثلاً للرأي عند الحيرة.
قلت: وهذا القول مروي عن الحسن البصري.
وعنه أيضا أنه قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستعان بالمشركين على شيء.
والظاهر أن النهي شامل للأمرين كليهما، فلا يجوز للمسلم مساكنة المشركين اختيارًا، ولا مشاورتهم وأخذ آرائهم، والقول الأول أظهر، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تراءى نارهما»، وقوله في حديث الزهري: «وأنك لا ترى نار مشرك إلا وأنت له حرب» والله أعلم.
الحديث الرابع: عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - أن رسول الله