قال ابن وهب، عن مالك: تهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارًا، وقد صنع ذلك جماعة من السلف. انتهى.
وفي المسند، وسنن أبي داود، والكنى للبخاري، عن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها».
وفي المسند أيضًا، وسنن النسائي، وصحيح ابن حبان، والحلية لأبي نعيم، عن عبد الله بن السعدي - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، متى تنقطع الهجرة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار».
قال الشيخ أبو محمد المقدسي رحمه الله تعالى في كتاب (المغني): الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار؛ فهذا تجب عليه الهجرة لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَاوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجز عنها إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه لقول