وهي من أوضح البراهين على أن ابتداء المشركين بالقتال مشروع، وأن دماءهم وأموالهم حلال للمسلمين ما داموا على الشرك، وظاهرها أنه لا فرق في ذلك بين الكفار المعتدين وغير المعتدين، ومن وقف منهم في طريق الدعاة إلى الإسلام ومن لم يقف في طريقهم، فكلهم يُقَاتلون ابتداء لما هم عليه من الشرك بالله تعالى حتى يتركوا الشرك ويدخلوا في دين الإسلام ويلتزموا بحقوقه.
وفي الباب أيضا أحاديث كثيرة تدل على ما دلت عليه هذه الأحاديث التي ذكرنا وفيها زيادة أحكام، فنذكر منها ههنا ما تيسر إن شاء الله تعالى، وبه الثقة.
فمنها: ما رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» وروى البخاري بعضه تعليقًا، وأخرج أبو داود منه قوله: «من تشبه بقوم فهو منهم».
ومنها: ما في صحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد، والسنن إلا النسائي، عن بريدة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصيته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تَغُلّوا، ولا تغدروا، ولا تُمثّلوا، ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم