فكيف فتنة المغرب؟! قال: «تلك أعظم وأعظم».
وهذا الأثر له حكم المرفوع كنظائره، وأكثر ما ظهرت الفتن في أوائل هذه الأمة من قبل المشرق، ومن أعظمها شرا فتنة الجهمية، ولا سيما في أثناء دولة بني العباس لما قام بتأييدها المأمون والمعتصم والواثق، ومع ذلك فأكثر المسلمين على إنكارها والتحذير منها ومن غيرها من مضلات الفتن.
وأما في زماننا فظهور الفتن من قبل المغرب أكثر، وذلك لما استولت الإفرنج على بعض الممالك الإسلامية فبثوا فيها رذائل مدنيتهم وسفساف أخلاقهم وخواطئ نظاماتهم وقوانينهم وسياساتهم التي ما أنزل الله بها، فافتتن بتقليدهم والتشبه بهم ما لا يحصيه إلا الله تعالى، ووقع في ذلك كثير من المنتسبين إلى العلم فضلا عن العامة، وما زالت هذه الفتن المغربية تربو في المسلمين وتنتشر فيهم حتى آل الأمر ببعضهم إلى الانسلاخ من دين الإسلام، والاستخفاف بأحكام الشريعة المحمدية، والاعتياض عنها بالقوانين والنظامات الإفرنجية أو ما يشبهها من أحكام الطاغوت.
ومن تأمل ما دخل على المسلمين من الشر بسبب الفتن المشرقية، وما دخل عليهم من الشر بسبب الفتن المغربية ظهر له أن فتنة المغرب أعظم وأعظم.
الحديث الثالث والسبعون: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا، يظهر النفاق، وتُرفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويُتَّهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين، أناخ بكم