أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - يرد علينا ما قلنا {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فكانت التهلكة: الإقامة على الأموال وإصلاحها وتَرْكنا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض [الروم] (?). هذا لفظ الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وصححه أيضا ابن حبان، والحاكم وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه.
ومع ما عليه المسلمون في زماننا من ترك الجهاد في سبيل الله، ورضى كثير منهم بالذل والهوان والتهلكة، فقد قام فيهم كثير من المنتسبين إلى العلم يرغبونهم في مصادقة أعداء الله، ويثبطونهم عن الجهاد في سبيل الله، ويستدلون على ذلك بالمتشابه والمنسوخ؛ كما أخبر الله عنهم بقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيلِهِ} [آل عمران: 7]، وآخرون من الجبناء يفتّون في أعضاد المسلمين، ويرهبونهم من شدة بأس أعداء الله وكثرة عَدَدهم وقوة عُدَدهم وكثرتها، ونسوا قول الله تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [الأنفال: 10]، وقوله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]، ونسوا أيضًا أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معهم من المسلمين قهروا المرتدين من أحياء العرب وهم أضعاف