فصل
ومن أعظم أسباب اغتراب الإسلام ترك الجهاد في سبيل الله عز وجل، والاعتياض عن ذلك بالهوان، والتذلل لأعداء الله تعالى من الكفار والمنافقين، ومصادقتهم والإلقاء إليهم بالمودة.
وبسبب النكول عن الجهاد في سبيل الله عز وجل، وكثرة المخالفات لأوامر الله وارتكاب نواهيه، وتخاذل المسلمين وتفرق كلمتهم استولى أعداء الله على أكثر الممالك الإسلامية، بعضها أخذوه بالقوة، وبعضها أخذوه بالمكر والحيلة، حتى صار كثير من المسلمين تحت حكم أعداء الله تعالى، يستذلونهم كما يستذل أهل الذمة في صدر الإسلام، ويحكون فيهم بحكم الطاغوت من قوانينهم وسياساتهم الخاطئة الفاجرة، ويحملونهم على التحاكم إليها، وقد جاء في بعض الآثار: يقول الله تعالى: «إذا عصاني من يعرفني، سلطت عليه من لا يعرفني».
وقد تقدم في أول الكتاب حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن» فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والبيهقي في دلائل النبوة.
وتقدم أيضا في أوله حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت