وهذه الاجتماعات عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من محدثات الأمور التي لم تكن في صدر الإسلام، فلا ريب أنها داخلة فيما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته، والله أعلم.
وكذلك شد الرحال لأجل القبر هو من محدثات الأمور التي لم تكن في صدر الإسلام، وقد اتفق الأئمة على عدم جوازه، لأنه سفر معصية.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: اتفق الأئمة على أنه لو نذر أن يأتي المدينة لزيارة قبور أهل البقيع أو الشهداء أو غيرهم لم يوف بنذره، ومالك والأكثرون قالوا: لا يجوز أن يوفي بنذره فإنه معصية، ولو نذر السفر إلى نفس المسجد للصلاة فيه لم يحرم عليه الوفاء بالإجماع، بل يستحب الوفاء، وقيل: يجب، على قولين للشافعي، والوجوب مذهب مالك، وأحمد، ونفي الوجوب مذهب أبي حنيفة، فظهر أن أقوال أئمة المسلمين موافقة لما دلت عليه السنة من الفرق بين السفر إلى المدينة لأجل مسجد الرسول والصلاة فيه، والسفر إليها لغير مسجده؛ كالسفر لأجل مسجد قباء، أو لزيارة القبور التي فيها قبر الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقبور من فيها من السابقين الأولين وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين. انتهى.
ونقل أيضا ما ذكره القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتابه (المبسوط) أنه رُوي عن مالك أنه سئل عمن نذر أن يأتي قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: إن كان أراد مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليأته، وليصل فيه، وإن كان إنما أراد القبر فلا يفعل، للحديث الذي جاء «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد». انتهى.
فالواجب على المسلمين عامة، وعلى علمائهم وولاة أمورهم خاصة،