وقال الشيخ أبو محمد المقدسي رحمه الله تعالى في (المغني): ليس وادي عرنة من الموقف، ولا يجزئه الوقوف فيه.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من وقف به لا يجزئه، وحكي عن مالك أنه يهريق دمًا وحجة تام، ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عرنة» رواه ابن ماجة. ولأنه لم يقف بعرفة فلم يجزئه كما لو وقف بالمزدلفة. انتهى.
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضًا: ما عظمت به البلوى في زماننا من اغتصاب أكثر منى بالبناء والتحجر، وإبعاد كثير من الحجاج عنها، واضطرارهم إلى النزول في وادي محسر وما وراءه من ناحية مزدلفة، بحيث يفوت عليهم ما يجب عليهم من المبيت بمنى ليالي منى (?)، وسيأتي الكلام على حكم البناء في منى في فصل التحذير من الظلم إن شاء الله تعالى (?).
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاً: أن كثيراً من جهال المسلمين وغيرهم من المنتسبين إلى الإسلام يرون أن من تمام الحج زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الحج أو بعده، ويتعلقون في ذلك بأحاديث واهية لا تقوم بشيء منها حجة، ويعدلون عن النصوص الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن اتخاذ قبره عيدًا يعتاد المجيء إليه والاجتماع عنده وتشد إليه الرحال؛ كما في سنن أبي داود، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» صححه النووي.