الصلاة ويقصرون الخطبة، يبدّون أعمالهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه، يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده، كثير من يسأل قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة يقصرون الصلاة، يُبَدّون فيه أهواءهم قبل أعمالهم» وهذا الحديث في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يقال إلا عن توقيف.
وقوله: «وتضيع حروفه» ليس معناه على ظاهره وإنما معناه أنهم لا يتكلفون في قراءة القرآن كما يتكلف كثير من المتأخرين، ولا يتقعرون في أداء حروفه كما يتقعر كثير من المتأخرين، ولا يتوسعون في معرفة أنواع القراءات كما فعل من بعدهم، والله أعلم.
وقوله: «يُبَدُّون» بضم الياء وفتح الباء وتشديد الدال معناه يُقدِّمون، وقد ظهر مصداق هذا الحديث في زماننا، فقلّ فيه الفقهاء وكثر فيه القراء الذين يحفظون حروف القرآن ويتقعرون في أدائها، ويضيعون حدود القرآن ولا يبالون بمخالفة أوامره وارتكاب نواهيه، يطيلون الخطب ويقصرون الصلاة، ويقدمون أهواءهم قبل أعمالهم، وقد رأينا من هذا الضرب كثيرا، فالله المستعان.
الحديث الثالث والستون: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيأتي على أمتي زمان يكثر فيه القراء ويقل الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يقرأ رجال من أمتي لا يجاوز تراقيهم، ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المشرك بالله المؤمن في مثل ما