يقول كبروا الله كذا وكذا، وسبحوا الله كذا وكذا، واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبد الله: فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فاتِنِي فأَخبِرنِي بمجلسهم، فأتاهم فجلس، فلما سمع ما يقولون قام فأتى ابن مسعود فجاء -وكان رجلاً حديدًا- فقال: أنا عبد الله بن مسعود، والله الذي لا إله غيره لقد جئتم ببدعة ظلماء، أو لقد فضلتم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - علمًا! عليكم بالطريق فالزموه، ولئن أخذتم يمينًا وشمالاً لتضلن ضلالا بعيدًا.
وفي رواية الطبراني: فأمرهم أن يتفرقوا.
وروى محمد بن وضاح، أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حُدِّث أن ناسًا يسبحون بالحصى في المسجد، فأتاهم وقد كوم كل رجل منهم كومة من حصى، فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد وهو يقول: لقد أحدثتم بدعة ظلماء، أو قد فضلتم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - علمًا!
إذا علم هذا، فصنيع المتجاوبين بالتكبير يوم العيد مما لا ريب أنه من المنكرات، وأنه أعظم مما أنكره ابن مسعود وأبو موسى رضي الله عنهما، وأولى بأن ينكر على فاعليه، ويمنعوا منه، وبيان ذلك من وجهين:
أحدهما: ما في فعل المتجاوبين بالتكبير من التطريب به، واجتماع الجماعة على إخراجه بأصوات عالية متطابقة، كأنها من تطابقها صوت واحد على نحو ما يفعله المغنون، وهذا المسلك مما ينبغي تنزيه ذكر الله وإجلاله عنه.
الثاني: التشويش على من في المسجد الحرام من التالين للقرآن والذاكرين الله تعالى بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح وغير ذلك من