بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله القوي المتين، المتفرد بالتدبير والتكوين، الغني عن العالمين أجمعين، فلا تنفعه طاعات المطيعين، ولا تضره معاصي العاصين، خلق الجن والإنس ليعبدوه ويطيعوا أمره ولا يعصوه، وحذّر العاصين من وبيل عقابه كما حل بكثير من الماضين، فقال -تعالى- وهو أصدق القائلين: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَانَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ} [الأنعام: 6]، وقال -تعالى- مخبرا عن قوم آخرين: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 165 - 166].
أحمده سبحانه أن أتم علينا نعمته، وأكمل لنا الدين، ورضي لنا الإسلام دينا واصطفاه لنا على كل دين {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
وأشكره أن هدانا إلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، وأسأله تعالى متوسلا إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح حالي وأحوال المسلمين، ويجعلنا بمنِّه وكرمه من عباده المتقين، الذين كرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان فكانوا من الرائدين، ونعوذ بالله من فتن المضلين، ومن خطوات الشياطين وإخوان الشياطين.