فأما الأعمال الدنيوية والوظائف التي فيها تحصيل الحطام والحظوظ العاجلة فإنهم يثابرون عليها، ويحافظون على الأوقات المقررة لها، ويقطعون كل شاغل يشغلهم عنها ولو كان من أحب الأشياء إليهم، وإذا حضر وقتها سارعوا إليها في أوله بجد ونشاط ورغبة صادقة خوفًا من العزل وخشية أن يقتطع عليهم من الراتب شيء ولو كان درهمًا أو بعض درهم، وكذلك أرباب الوظائف والأعمال الدنيوية من غير المنتسبين إلى العلم ترى كثيرًا منهم يثابرون على الوظائف والأعمال الدنيوية، ويحافظون على الأوقات المقررة لها، ويسارعون إليها في أول وقتها خوفًا من العزل بسبب التأخر، وإذا جاء وقت الصلاة وهم في عمل من أعمالهم جعلوا ذلك العمل عذرًا لهم عن حضور الجماعة، وإن لم يكونوا في عمل فإنه يحضرهم النوم والكسل وأنواع الشواغل المثبطة عن حضور الجماعة.
وكذلك غيرهم من المشتغلين بالأعمال الدنيوية من غير من أشرنا إليهم، فكثير منهم لا يبالون بالصلاة، ولا بحضور الجمعة والجماعة.
وكذلك العاكفون على أنواع اللهو واللعب وما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ مثل الراديو والسينما والفونغراف والكرة والجنجفة والكيرم، وغير ذلك من أنواع المسير والملاهي، هم من أكثر الناس تهاونًا بالصلاة، وتخلفًا عن الجمعة والجماعة، وقد رأينا من هذه الأجناس الرديئة كثيرًا، فالله المستعان.
وقد جعل الله تبارك وتعالى الصلاة علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين، فمن اهتم بها وحافظ على أدائها تامة في أوقاتها وفي جماعة فذلك دليل
على إيمانه، ومن تهاون بها فلم يتمها، أو ضيع أوقاتها أو تخلف عن