وفيه من اللطائف: وقوع الوعيد من جنس الجناية، وهي المخالفة.
ويؤيد حمله على ظاهره حديث أبي أمامة: «لتسوون الصفوف، أو لتطمسن الوجوه» أخرجه أحمد، وفي إسناده ضعف، ولهذا قال ابن الجوزي: الظاهر أنه مثل الوعيد المذكور في قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}.
ومنهم من حملة على المجاز، قال النووي: معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء، واختلاف القلوب، كما تقول: تغير وجه فلان على أي ظهر لي من وجهه كراهية؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن، ويؤيده رواية أبي داود وغيره بلفظ: «أو ليخالفن الله بين قلوبكم». انتهى.
قال أبو موسى المديني في قوله: «أو ليخالفن الله بين وجوهكم»: أراد وجوه القلوب؛ كحديثه الآخر: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» أي: هواها وإرادتها. انتهى، وهذا موافق لقول النووي.
وذكر الحافظ أيضا فيه قولين ضعيفين لا حاجة إلى ذكرهما، والله أعلم.
وفي المسند، وسنن أبي داود، والنسائي، عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلل الصفوف من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» وكان يقول: «إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصفوف الأول».
ورواه الحاكم في مستدركه بنحوه.