فصل
ومن الأفعال السيئة أيضًا: النطق بالنية عند تكبيرة الإحرام وتكريرها، وذلك من البدع التي شرعها الشيطان للموسوسين وزينها لهم، وأضلهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعون لهم بإحسان.
ويتفرع عن هذه البدعة السخيفة ستة أمور ذميمة:
أحدها: الاستهزاء بالمعبود، وافتتاح عبادته ومناجاته بما يشبه هذيان المجانين، وفاعل هذا جدير بالمقت والبعد من الله تعالى، ولو أن رجلاً وقف بين يدي ملك من ملوك الدنيا لخدمته ومناجاته، وقال عند إرادة الشروع في العمل المرسوم له: نويت أن أعمل للملك كذا وكذا، وجعل يهذي بين يدي الملك بنحو ما يهذي به الموسوسون عند افتتاح الصلاة ويكرر ذلك، ويتهوع باسم الملك كما يتهوع الموسوسون بتكبيرة الإحرام لعد الملك ذلك استهزاء به، واستخفافًا بحرمته وحقه، وأهون ما يفعل مع الهاذي بين يديه أن يمقته أشد المقت، ويطرده عن حضرته.
والله تبارك وتعالى له المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، الذي يستحق كمال التعظيم والخضوع والخشوع والإخبات بين يديه وإظهار الذل له والافتقار إليه في جميع الأحوال، والتأدب التام في خدمته ومناجاته، أفلا يستحي الموسوسون من مقابلتهم ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى بما لا يرضى بمثله ملك من ملوك الدنيا، بل لا يرضى به أحد