فصل
ومن أعظم المنكرات التي فشت في المسلمين -فانثلم بذلك الإسلام وازداد غربة وضعفًا- تضييع الصلاة، والتهاون بالجُمع والجماعات، فكثير من المنتسبين إلى الإسلام عن صلاتهم ساهون، وبها متهاونون، فبعضهم يتركها بالكلية، وبعضهم يصلي بعضًا ويترك بعضًا، وبعضهم يجمع صلاة الأسبوع ونحوه ثم ينقرها جميعًا، وبعضهم يصلي الجمعة ويترك ما سواها، وكل هذا كفر كما تقدم تقرير ذلك بأدلته من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وكثير من المصلين يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو إلى آخر وقتها، ولا يبالون بتأخيرها، وسواء عندهم الصلاة في أول الوقت أو في آخره أو بعده، وهذا الفعل الذميم كثير جدًا في القراء الفسقة، وفي أرباب الوظائف والأعمال الدنيوية، فترى كثيرًا منهم يثابرون على الأعمال الدنيوية ويحافظون على الأوقات المقررة لها ولو كان في ذلك تفويت الصلاة عن وقتها، أو تأخيرها إلى آخر وقتها، وإذا جاء وقت الصلاة وكانوا في عمل من أعمالهم جعلوا ذلك العمل عذرًا لهم في تأخير الصلاة وعدم حضور الجماعة، وإن لم يكونوا في عمل حضرهم حينئذ النوم والكسل وأنواع الشواغل المثبطة، وربما تمارضوا من غير مرض، حتى إذا ما جاء وقت عمل من أعمالهم الدنيوية -في أي وقت كان من ليل أو نهار- قاموا إليه بجد ونشاط ورغبة صادقة، وقطعوا كل شاغل يشغلهم عنه؛ ولو كان من