والدليل على أنه للذم ما رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري رحمه الله تعالى في (الأدب المفرد) بإسناد جيد، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قدم رجلان من المشرق خطيبان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقاما فتكلما ثم قعدا، وقام ثابت بن قيس خطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلم، فعجب الناس من كلامهما، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: «يا أيها الناس قولوا قولكم، فإنما تشقيق الكلام من الشيطان» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من البيان سحرًا».
وقال أبو موسى المديني: تشقيق الكلام: التطلب فيه ليخرجه أحسن مخرج.
وروى الإمام أحمد أيضا، من حديث معاوية - رضي الله عنه - مرفوعًا: «لعن الله الذين يشققون الخطب تشقيق الشعر».
قال المناوي في (شرح الجامع الصغير): الشعر بكسر الشين، وسكون العين؛ أي: يلوون ألسنتهم بألفاظ الخطبة يمينًا وشمالًا، ويتكلف فيها الكلام الموزون المسجع؛ حرصا على التفصح، واستعلاء على الغير تيهًا وكبرًا، يقال: تشقق في الكلام والخصومة إذا أخذ يمينا وشمالا وترك القصد وتصلف وتكلف ليخرج الكلام أحسن مخرج. انتهى.
وروى البخاري في (الأدب المفرد) من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: خطب رجل عند عمر فأكثر الكلام، فقال عمر - رضي الله عنه -: إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان.
الشقاشق: جمع شقشقة بكسر الشين، وهي ما يخرجه الجمل في فيه إذا