قلت: وكذلك فاتحة الكتاب، فإنها من أنجع الدواء، وقد رقى بها بعض الصحابة رضي الله عنهم لديغًا، فقام في الحال كأنما نشط من عقال، ولما أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك وقال: «وما يدريه أنها رقية؟».
وفي سنن ابن ماجة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن أبيه أبي ليلي قال: كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه أعرابي فقال: إن لي أخًا وجعًا، قال: «وما وجع أخيك؟» قال: به لمم، قال: «اذهب فأتني به» قال: فذهب فجاء به فأجلسه بين يديه، فسمعته عوَّذه بفاتحة الكتاب، وأربع آيات من أول البقرة، وآيتين من وسطها، {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، وآية الكرسي، وثلاث آيات من خاتمتها، وآية من آل عمران أحسبه قال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، وآية من الأعراف {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ}، وآية من المؤمنين {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}، وآية من الجن {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا}، وعشر آيات من أول الصافات، وثلاث آيات من آخر الحشر، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، فقام الأعرابي قد برأ ليس به بأس. فهذه الرقية من أنفع العلاج لمن أصيب بسحر أو جنون أو عين أو حُمّه أو غير ذلك من الأمراض.
وروى ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، والآية التي في سورة يونس {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ} إلى قوله: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}، وقوله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} إلى آخر الآيات الأربع، وقوله: {إِنَّمَا