قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: السحر مرض من الأمراض، وعارض من العلل يجوز عليه - صلى الله عليه وسلم - كأنواع الأمراض، مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته، وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقه، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طُرُوُّهُ عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان. انتهى.
ومن السحر الفاشي في هذه الأزمان أيضا: النشرة المحرمة؛ وهي حل السحر بسحر مثله، ومنه صب الرصاص المذاب في إناء فيه ماء على رأس المسحور ليزول عنه السحر بزعم بعضهم، أو لترتسم صورة الساحر في الرصاص كما يزعمه آخرون، وكل هذا من أفعال الشياطين.
وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود بإسناد جيد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النشرة، فقال: «هو من عمل الشيطان».
وروى أبو نعيم في الحلية، من حديث شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن قال: سألت أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النشرة، فقال: ذكروا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنها من عمل الشيطان».
قال الخطابي رحمه الله تعالى: النشرة: ضرب من الرقية والعلاج، يعالج به من كان يظن به مس الجن، وقيل: سمي نشرة لأنه ينشر بها عنه، أي يحل عنه ما خامره من الداء، ثم روى بإسناده عن الحسن أنه قال: النشرة من السحر.