التي يسندون فيها النعم إلى الأسباب، ويُعرضون عن المسبِّب المُيَسِّر الخالق الرازق.
فريق منهم ومن ذلك أيضا: ما يذكره كثير من أهل التقاويم الفلكية في الأنواء كقولهم: هذا النوء محمود، أو مذموم، أو غزير المطر، أو قليل المطر، أو مطره نافع أو ضار، ونحو ذلك مما يضيفونه إلى الأنواء المخلوقة العاجزة، وينسون فاطر السماوات والأرض وما فيهما، الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو الذي {يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}، {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}، وهو المتصرف في خلقه بما يشاء، فينزل الغيث على قوم، ويحبسه عن قوم، ويجعله نافعًا لقوم وضارًا لآخرين، وغزيرًا في موضع وقليلا في آخر، وله في كل ذلك الحكمة البالغة والمشيئة النافذة، {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}.
وفي الصحيحين وغيرهما، عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: صلَّى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب».
ولمسلم، والنسائي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ألم تروا إلى ما قال ربكم؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح بها كافرين يقولون: الكواكب وبالكواكب».