قال أبو السعادات ابن الأثير: ومنه حديث ابن عمر: «وما أبالي ما أتيت إن علقت تميمة» والحديث الآخر: «من علق تميمة فلا أتم الله له» كأنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء، وإنما جعلها شركًا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم، وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه. انتهى.
وقال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر، واعتقاد ذلك شرك. انتهى.
قلت: ومن هذا الباب ما يفعله بعض الجهلة من تعليق الحروز لدفع ضرر الجن، ومثله تعليق الخيوط والسيور ونحوها لدفع الآفات والمؤذيات.
وفي المسند، وسنن ابن ماجة، وغيرهما، أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - رأى في عنق امرأته خيطًا فقال: ما هذا الخيط؟ قالت: قلت: خيط رُقي لي فيه، فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» الحديث.
وقد رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي الضحى، عن أم ناجية قالت: دخلت على زينب -امرأة عبد الله- أعوذها من جمرة ظهرت بوجهها، وهي معلقة بحرز، فإني لجالسة دخل عبد الله، فلما نظر إلى الحرز أتى جذعا معارضا في البيت، فوضع عليه رداءه، ثم حسر عن ذراعيه، فأتاها فأخذ بالحرز فجذبها حتى كاد وجهها أن يقع في الأرض فانقطع، ثم خرج من البيت فقال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن الشرك،