فصل
إذا عُلم أن الإسلام الحقيقي قد عاد غريبا كما بدأ، وأن سبب اغترابه طغيان الشرك الأكبر، والكفر الأكبر، والنفاق الأكبر، والزندقة والإلحاد، والبدع المضلة في أكثر الأقطار الإسلامية، وغلبة ذلك على الأكثرين.
فليعلم أيضًا أن المنكرات التي فشت في المسلمين، وظهرت بين ظهراني الأكثرين منهم ولم تُغير، قد زادت الإسلام وهنا على وهن، وغربة على غربته، وكذلك ما انتقض من عرى الإسلام أو كاد ينتقض في هذه الأزمان، كل ذلك قد أثَّر في الإسلام ضعفًا، وزاده وهنًا وغربة، وأنا أذكر من ذلك ما هو أكثر وقوعًا وأشد خطرًا؛ نصيحة لإخواني المسلمين، وإنذارًا لهم من شؤم المعاصي وسوء عاقبتها، لعلهم يحذرون غضب الله، ويبتعدون عما يدعو إلى نقمته وأليم عقابه في الدنيا والآخرة.
فمن ذلك الشرك الأصغر، والكفر الأصغر، والنفاق الأصغر، وكل من هذه الثلاثة قد فشا وظهر وانتشر، وقلّ من سلم من التلطخ بأدرانها، أو درن بعضها.
فأما النفاق الأصغر فقد مضى الكلام فيه مع النفاق الأكبر بما أغنى عن إعادته ههنا فليراجع.
وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والتصنع للخَلق، والحلف بغير الله، وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وإنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا الله وأنت