قال ابن القيم رحمه الله تعالى: غرس الله تعالى هم أهل العلم والعمل، فلو خلت الأرض من عالم خلت من غرس الله، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة»، فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب من أهَّلهم الله لذلك وارتضاهم، فيكونوا ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم، فلا تنقطع حجج الله والقائم بها من الأرض، وكان من دعاء بعض من تقدم: اللهم اجعلني من غرسك، الذين تستعملهم بطاعتك. ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة إما في قلوب أمثاله، وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده، وبهذا وبغيره فَضلَ العلماءُ العُبّادَ، فإذا العالم إذا زرع علمه عند غيره ثم مات جرى عليه أجره وبقي له ذكره، وهو عُمْر ثان وحياة أخرى، وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون، ورغب فيه الراغبون. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ومن أعظم نعم الله تعالى التي أمتن بها علينا في هذه الأزمان الحالكة بظلام الشرك والكفر والنفاق والبدع والشكوك والشبهات أنه سبحانه وتعالى أقام لنا الأئمة الأعلام ومصابيح الظلام، يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويجاهدون فرق الزيغ والضلال، ولا يخافون في الله لومة لائم، وأعني بهم شيخ الإسلام أبا العباس أحمد بن تيمية وأصحابه وأصحاب أصحابه، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأصحابه وأصحاب أصحابه، ومن سار على منهاج الجميع