وما في حديث أبيه (?)، وجرير - رضي الله عنهم - من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله»، وتفيد أنه لا يكتفي من قائلها بمجرد التلفظ بها فقط، بل لابد من اعتقاد معناها والعمل بمقتضاها، وعلى هذا فليس بمسلم من صرف شيئا من خصائص الربوبية أو الإلهية لغير الله تعالى، بل هو مشرك شاء أم أبى، وإن كان يقول لا إله إلا الله، ويدّعي أنه مسلم؛ لأن فعله ينافي قوله ويُكذّب دعواه، وكذلك ليس بمسلم من لم يكفر بما يُعبد من دون الله، وإن كان يقول لا إله إلا الله ولا يشرك به شيئا؛ لأن الكفر بما يُعبد من دون الله شرط في صحة الإسلام لما تقدم، ومعنى الكفر بما يُعبد من دون الله تعالى: اعتقاد بطلانه، والبراءة منه ومن أهله، وإظهار العداوة لهم والبغض، قال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4].
ولما كان إقام الصلاة أعظم مباني الإسلام بعد الشهادتين نص في بعض الروايات هنا على الغُسل وإتمام الوضوء؛ لأن الصلاة لا تصح بدون ذلك مع القدرة، وليس ذكرهما زيادة في المباني كما قد يفهم بعض الناس، وإنما هو مزيد اهتمام بشأن الصلاة وما يشترط لها، وتنبيه بما ذكر من شروطها على ما لم يذكر، كما نص على استقبال القبلة في حديث أنس الذي تقدم قريبا، وجعله من أمور الإسلام التي يقاتل على تركها، وذكر بقية الشروط مجملة في قوله: «وصلى صلاتنا»، وإنما عظم الشارع شأن