لأبي بكر رضي الله عنهما، فاتفق الصحابة - رضي الله عنهم - على القتال على حقوق الإسلام عملا بالكتاب والسنة، وكذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج، وأمر بقتالهم، وأخبر أنهم شر الخلق، مع قوله: «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم»، فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمُسقط للقتال، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب، فأيُّما طائفة ممتنعة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، أو الأموال، أو الخمر، أو الزنا، أو الميسر، أو نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، أو غير ذلك من واجبات الدين، أو محرماته التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها، التي يكفر الجاحد لوجوبه، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء، وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر، أو الأذان أو الإقامة عند من لا يقول بوجوبهما ونحو ذلك من الشعائر، هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟
فأما الواجبات، أو المحرمات المذكورة، ونحوها فلا خلاف في القتال عليها، وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام، أو الخارجين عن طاعته، كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين، أو