يَا مَنْ جَفا ووفا لِلغَيْر مَوْعِدَهُ ... يا مَنْ رَمَانَا ويا مَنْ عقلنا قَمِرَا
الله منصِفُنَا بالوَصْلِ مِنْكَ على ... غَيْظِ الرَّقِيب بمن قَدْ حَجَّ واعْتَمَرا
يا غَامِرًا لِكَئيب بالصُّدودِ كما ... أن السَّقامَ لمن يَهْواكَ قَدْ غَمَرَا
قِلَّ الصدودَ فَكَمْ أسْقَيْتَ أنْفُسَنَا ... كأسَ الحِمام بلا ذَنْبٍ بَدَا وَجَرَى
وكم جَرحْتَ فُؤادِي كَم ضَنَى جَسَدِي ... ألَيْس دَمْعِي حبيبي مُذْ هَجَرْتَ جَرَى
فالشَّوْقُ أقْلَقَنِي والوَجْدُ أحْرَقَنِي ... والجسْمُ ذَابَ لِمَا قَدْ حَلَّ بي وَطَرَا
والهَجْرُ أضْعَفَنِي والبُعْدُ أتْلَفَنِي ... والصَّبْرُ قَلَّ وما أدْرَكْتُ لِي وَطَرَا
أشكُوكَ للمُصْطَفَى زَيْنِ الوُجُودِ وَمَنْ ... أرْجُوهُ يُنْقِذُنِي مِنْ هَجْرِ مَنْ هجرا
وقوله:
بِرُوحيَ مَنْ لي في لِقَاهُ ولائمُ ... وكَمْ في هَوَاهُ لي عَذُولٌ ولائِمُ
على وَجْنَتَيْهِ وَرْدَتَانِ وخالُه ... كَمِسْكٍ لَطِيفِ الوَصْفِ والثَّغْرُ بَاسِمُ
ذوائبُهُ لَيْلٌ وَطَلْعَةُ وَجْهِهِ ... نَهَارٌ تَبَدَّى والثَّنَايَا بَوَاسِمُ
بَدِيعُ التَّثَنَّي مُرسِلٌ فَوْقَ خَدِّهِ ... عِذارًا، هَوَى العُذْريْ لَدَيْهِ مُلازِمُ
وَمِنْ عَجَبٍ أني حَفِظْتُ وِدَادَهُ ... وَذَلِكَ عِنْدِي في المحبَّةِ لَازِمُ
وَبَيْنِي وَبَيْنَ الوَصْلِ مِنْهُ تَبَايُنٌ ... وَبَيْنِي وَبَيْنَ الفَصْلِ مِنْهُ تَلازُمُ
وقوله -رحمه الله تعالى-:
لَيْتَ في الدَّهْرِ لَوْ حَظِيتُ بِيَوْمٍ ... فِيهِ أَخْلُو مِنَ الهَوَى والغَرَامِ
خَاليَ الْقَلْب مِنْ تَبَارِيحِ وَجْدٍ ... وَصُدُودٍ وحُرْقَةٍ وهُيَامِ
كَيْ يُرَاحَ الفُؤَادُ مِنْ طُولِ شَوْقٍ ... قَدْ سَقَاهُ الهَوَى بِكَأسِ الحِمَامِ
وقوله:
يُعاتِبُ مَنْ فِي النَّاسِ يُدْعَى بِعَبْدِهِ ... وَيقْتُلُ مَنْ بالقَتْلِ يَرْضَى بِعَمْدِهِ
وَيُشْهِرُ لي سَيْفًا ويَمْرَحُ ضَاحِكًا ... فَيَا لَيْتَ سَيْفَ اللَّحظِ تَمَّ بِغِمْدِهِ
فللهِ مِنْ ظَبْيٍ شرُودٍ ونَافِرٍ ... يُجَازِي جَمِيلًا قَدْ صَنَعْتُ بضِدِّهِ