بقرية تاذف1, ولزم الإمام أبا عبد الله الفاسي حتى أتقن عليه القراءات وعللها, وسمع منه الكثير ومن الصاحب الكمال بن العديم ومحمد بن عبد الباقي الصفار, ثم رحل إلى مصر بعد أخذ التتار حلب وأخذ الشاطبية عن ابن الأزرق وكان يمكنه القراءة على الكمال الضرير فتكاسل وفرّط وسمع من عبد الله بن علاق2، واشتهر بالإتقان وأقرأ الناس دهرا وأحكم العربية, وشارك في اللغة والحديث وقدم دمشق بعد الثمانين, فسمع من الإمام عبد الرحمن بن أبي عمر, وأمّ بالربوة وأقرأ جماعة, ثم انتقل إلى حماة فأقرأ بها مدة, ثم قدم دمشق سنة ثلاث وتسعين وستمائة فقرأ عليه غير واحد, قال الذهبي: وحضرت عنده وكتبت عنه ولم أنشط3 للجمع عليه وكان حاذقا بالفن, مليح الحل لحرز الأماني والعقيلة, وأقام برهة ثم انتقل إلى حماة يقرئ بها, ويدرس إلى أن توفي في رمضان سنة خمس وتسعين وستمائة.
2868- محمد بن أيوب بن محمد بن وهب بن نوح4 أبو عبد الله الغافقي البلنسي, إمام مقرئ كامل، قرأ القراءات على ابن هذيل وسمع من ابن سعادة وابن النعمة وأخذ عنه النحو وتفقه بأبي بكر يحيى بن محمد بن عقال, واستظهر عليه المدونة وكان من أصحاب أبي جعفر البطروحي, وكتب إليه بالإجازة أبو مروان بن قزمان والحافظ السلفي، قال الذهبي: وكان جم الفضائل لم يكن له في زمانه بشرق الأندلس نظير تفننا واستبحارا5 وكان من الراسخين في العلم, صدرا في المشاورين قد برع في علم القراءات والعربية والفقه والفتيا, وأما عقد الشروط فإليه انتهت الرياسة فيه وكان كريم الأخلاق عظيم القدر سمحا جوادا سريا, خطب بجامع بلنسية وكانت الطلبة إليه, وطال عمره وبعد صيته، قلت: وولي القضاء ببلده، قرأ عليه بالروايات الحافظ محمد بن عبد الله الأبار والإمام القاسم بن أحمد اللورقي وأبو بكر محمد بن مشليون ويحيى بن زكريا البلنسي، ولد سنة ثلاثين وخمسمائة ومات سادس شوال سنة ثمان وستمائة.